اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 479
ضعف، ويتظاهر بعمله يريد أن يقنع الناس بهذا التظاهر، وهو إن كان يحاول بها إقناع الناس فهو خاطئ، لأن الناس لا يغنون عنه من الله شيئا، وإن كان يحاول بهذا إظهار الله تبارك وتعالى على إيمانه؛ فإن الله يعلم السرّ وأخفى، فلا داعى إلى ذكر هذا الإيمان والمنّة به، لهذا قال الله تبارك وتعالى فى ختام هذه السورة الكريمة: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [الحجرات: 18].
واعلم- يا أخى-: أن ذلك أدب قويم من الآداب النفسية ختم الله به السورة الكريمة، فبعد أن كانت السورة كلها آدابا تعاملية، وآدابا عملية تؤدى بين الناس بعضهم وبعض بالجوارح والصور، انتقل إلى معاملة الناس لمولاهم، وبيّن أنها بالقلوب والعواطف المغيبة والضمائر المحجبة، وأن قوامها- إن كان صاحبها يريد الوصول إلى رضوان الله-: شهود المنّة لله تبارك وتعالى فى كل شىء، وصدق العبودية، وكمال الأدب مع الحق تبارك وتعالى؛ مع دوام المراقبة.
[آداب حوتها السورة الكريمة]
أفرأيت- يا أخى- كيف جمعت هذه السورة الكريمة عدة أنماط من التربية العالية والأدب الكريم؟ جمعت أدب الحديث، وأدب المرءوس والرئيس، وأدب المؤاخاة والصلة فى حالتى الرضا والغضب، وكيف يتصرف الإنسان فى الوشاية إذا بلغته؟ وفى العدوان إذا انتدب لرده؟ وأدب احترام الناس والمحافظة على كرامتهم، وأدب المواساة بين الخلق، وأدب الإيمان بالله والتصديق به، وحسن معاملته.
وكذلك القرآن الكريم ينبوع الفضائل والحكم، ومعدن الخلائق الغر، فتمسّك به تكن من الفائزين: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ [الأعراف: 170].
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 479